فى واحدة من الإكتشافات العلمية الهامة، تمكن أحد المراصد بالقطب الجنوبى منذ أيام من تسجيل وقياس ظاهرة كونية بالغة الأهمية تؤكد فرضيات العلماء لنشأة الكون، حيث تمثل هذه الظاهرة جزءا صغيرا من الثانية الأولى لما بعد الإنفجار العظيم.
ويقول الباحث وليد الحنفى نائب مدير مركز الفيزياء النظرية بالجامعة البريطانية إن علماء الكون والفيزياء النظرية قدموا لنا تصورا مبدئيا لتاريخ الكون وتطوره حيث تمت صياغة هذا التصور فى نموذج رياضى يسمى بالنموذج المعيارى، وحسب النموذج فإن الكون ولد بكثافة ودرجة حرارة عالية لحظة الإنفجار العظيم ثم بدأ فى التمدد.
وباستمرار التمدد بدأ الكون يبرد وتنخفض درجة حرارته تدريجيا من عشرات البلايين من الدرجات إلى حوالى 3 درجات مطلقة.
وقد تمكن العالمان بنزايز وويلسون من قياس درجة حرارة الخلفية الإشعاعية للكون عام 1965 والتى إتفقت تماما مع تنبؤ النموذج المعيارى، مما إستحقا به منحهم جائزة نوبل عام 1978.
ومنذ ذلك الحين والمراصد الفلكية تسابق الزمن للكشف عن أقدم صورة للخلفية الإشعاعية الحرارية للكون بزيادة درجة حساسية أجهزة الرصد، وتشير الأبحاث النظرية إلى أن النموذج المعيارى يستطيع التنبؤ بما كان الكون عليه إلى جزء قليل من الثانية الأولى من الإنفجار العظيم إلا أن النموذج يعانى من عدة مشاكل مما دفع د. آلان جوث عام 1980 لوضع إفتراض وجود لحظة تضخم عنيف وسريع مفاجئ مر بها الكون حيث يقدر أن مسافة النانومتر الواحد قد تمددت إلى ربع بليون سنة ضوئية خلال لحظة وجيزة من الثانية الأولى بعد الإنفجار العظيم تقدر بحوالى تريليون تريليون تريليون جزء من الثانية. وكما هى عادة العلماء فى التحقق من النماذج النظرية بالتجارب فقد ساهمت أجهزة الكواشف والمراصد الكونية الموجودة بالقطب الجنوبى فى رصد نوع من الأشعة الحرارية الكونية لتنتقل فرضية تضخم الكون من الفرضية النظرية إلى الحقيقة العلمية.
وحول إمكانية ترشح آلان جوث على جائزة نوبل بعد إثبات فرضيته العلمية يقول د.البرت دى روك رئيس إحدى الفرق البحثية بالمركز الأوروبى للأبحاث النووية إنه مع أهمية الكشف فإنه من المهم أيضا إجراء نفس التجربة مرة أخرى، سواء فى توقيتات زمنية مختلفة أو عبر كواشف أخرى لإثبات أن ما تم رصده بالفعل مرتبط بالنظرية العلمية ولعل أشهر مثال على ذلك ما تم لإثبات وجود جسيم -هيجز- أصغر جسيم فى الكون حيث تم إجراء تجربتين بالتوازى عبر فرق بحثية مستقلة علميا وماليا وكلاهما أثبتا وجود الجسيم لذا أعتقد أنه من السابق لأوانه التأكد بشكل كامل من النتائج، وإن كنا على درجة أكبر من التيقن والفهم لنشأة الكون.
المصدر: جريدة الأهرام اليومي.